الرئيسية » الاسلام » صحيح البخاري » كتاب الأشربة » باب: { وإذا قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا }
كتاب التفسير

باب: { وإذا قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا }

-3- 215 – باب: { وإذا قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا } /60/: زمانا، وجمعه أحقاب.

4448 – حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا عمرو بن دينار قال: أخبرني سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس:

إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل، فقال ابن عباس: كذب عدو الله: حدثني أبي بن كعب: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه: إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى: يارب فكيف لي به؟ قال: تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو ثم، فأخذ حوتا فجعله في مكتل، ثم انطلق وانطلق معه بفتاه يوشع بن نون، حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما،واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر، فاتخذ سبيله في البحر سربا، وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: آتنا غدائنا، لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، قال: ولم يجد موسى النصب حتى جاوزا المكان الذي أمر الله به، فقال له فتاه: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة، فإني نسيت الحوت، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره، واتخذ سبيله في البحر عجبا، قال: فكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا، فقال موسى: ذلك ما كنا نبغي، فارتدا على آثارهما قصصا، قال: رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى ثوبا، فسلم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام، قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا قال: إنك لن تستطيع معي صبرا، ياموسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه، فقال موسى: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا، فقال له الخضر: فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء، حتى أحدث لك منه ذكرا، فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت سفينة فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول، فلما ركبا في السفينة، لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها، لقد جئت شيئا إ مرا، قال: ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا، قال: لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكانت الأولى من موسى نسيانا، قال: وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة، فنقر في البحر نقرة، فقال له الخضر: ما علمي وعلمك من علم الله، إلا مثل ما نقص هذا العصفور منهذا البحر، ثم خرجا من السفينة، فبينا هما يمشيان على الساحل، إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان، فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله، فقال له موسى: أقتلت نفسا زاكية بغير نفس، لقد جئت شيئا نكرا، قال: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا، قال: وهذا أشد من الأولى، قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا، فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما، فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض، قال: مائل، فقام الخضر فأقامه بيده، فقال موسى: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا، لو شئت لا تخذت عليه أجرا، قال: {هذا فراق بيني وبينك – إلى قوله – ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا}. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما).

قال سعيد بن جبير: فكان ابن عباس يقرأ: وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا. وكان يقرأ: وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين.


[ش (لفتاه) لصاحبه يوشع بن نون عليهما السلام. (لا أبرح) لا أزال أسير. (أبلغ) أصل. (مجمع البحرين) مكان التقائهما، قيل: هما بحر فارس وبحر الروم، وقيل غير ذلك. (أمضي حقبا) أسير زمانا طويلا، أو أبد الدهر].

[ش (كذب عدو الله) أي أخبر بما هو خلاف الحقيقة، وهذا القول تغليظ من ابن عباس رضي الله عنهما، وإلا فهو مؤمن مسلم، حسن الإيمان والإسلام. (عتب الله عليه) لامه وخاطبه مخاطبة الإدلال، وطالبا منه حسن مراجعته، ومذكرا له بما كرهه منه. (مكتل) وعاء يشبه القفة. (اضطربالحوت) تحرك مع أنه ميت، وقيل: كان مشويا. (سربا) مسلكا يذهب فيه، أي بقي مسلكه كوة ولم يلتئم الماء خلفه. (جرية الماء) حالة جريانه. (الطاق) الثقب غير النافذ. (لموسى ولفتاه عجبا) تعجبا من أمره لأنه خارق للعادة. (مسجى) مغطى. (وأنى بأرضك السلام) من أين. (رشدا) ذا رشد أرشد به في ديني. (على علم) لدي علم ومعرفة. (علم الله) الواسع المحيط بكل شيء. (شيء) أعلمه وأنت تنكره. (أحدث لك منه ذكر) أذكره لك بعلته، وأبين لك شأنه. ( نول) أجرة. (فنقر) أخذ قطرة بمنقاره. (زاكية) طاهرة لم تذنب. وهذه قراءة حجازي وأبي عمرو، وقراءة غيرهما {زكية}. ( نكرا) منكرا، وقيل النكر أشد من الإمر. (قد بلغت من لدني عذرا) أعذرك في مفارقتي، لأنك بلغت النهاية في التنبيه. (استطعما أهلها) طلبا منهم الطعام ضيافة. (فراق بيني وبينك) وقت مفارقتي إياك. (تأويل) تفسير وبيان. (يقص الله علينا من خبرهما) أي ما قد يقع منهما أكثر مما ذكر. وقد ذكرت قصة موسى والخضر عليهما السلام في سورة الكهف من الآيات: 60 – 82].