29 – باب غزوة الطائف
82 – (1778) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير. جميعا عن سفيان. قال زهير: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو، عن أبي العباس الشاعر الأعمى، عن عبدالله بن عمرو. قال:
حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف. فلم ينل منهم شيئا. فقال (إنا قافلون، إن شاء الله) قال أصحابه: نرجع ولم نفتتحه! فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (اغدوا على القتال) فغدوا عليه فأصابهم جراح. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنا قافلون غدا) قال: فأعجبهم ذلك. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(فلم ينل منهم شيئا) أي لم يصبهم بشيء من موجبات الفتح لمناعة حصنهم. وكانوا، كما ذكره ابن حجر، قد أعدوا ما يكفيهم لحصار سنة.
(فقال: إنا قافلون) أي نحن راجعون إلى المدينة. فثقل عليهم ذلك. فقالوا: نرجع غير فاتحين!. فقال لهم صلى الله عليه وسلم: اغدوا على القتال. أي سيروا أول النهار لأجل القتال. فغدوا فلم يفتح عليهم وأصيبوا بالجراح. لأن أهل الحصن رموا عليهم من أعلى السور، فكانوا ينالون منهم بسهامهم، ولا تصل سهام المسلمين إليهم. وذكر في الفتح: أنهم رموا على المسلمين سكك الحديد المحماة. فلما رأوا ذلك تبين لهم تصويب الرجوع. فلما أعاد، صلى الله عليه وسلم، عليهم القول بالرجوع أعجبهم حينئذ.
وقال الإمام النووي رضي الله تعالى عنه: معنى الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قصد الشفقة على أصحابه والرفق بهم بالرحيل عن الطائف لصعوبة أمره، وشدة الكفار الذين فيه، وتقويتهم بحصنهم مع أنه صلى الله عليه وسلم علم أو رجا أنه سيفتحه بعد هذا، بلا مشقة كما جرى. فلما رأى حرص أصحابه على المقام والجهاد أقام وجد في القتال. فلما أصابتهم الجراح رجع إلى ما كان قصده أولا من الرفق بهم. ففرحوا بذلك لما رأوا من المشقة الظاهرة. ولعلهم نظروا فعلموا أن رأي النبي صلى الله عليه وسلم أبرك وأنفع وأحمد عاقبة وأصوب من رأيهم. فوافقوا على الرحيل فرحوا. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تعجبا من سرعة تغير رأيهم.