(19) باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم
147 – (1218) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم. جميعا عن حاتم. قال أبو بكر: حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن جعفر بن محمد، عن أبيه. قال:
دخلنا على جابر بن عبدالله. فسأل عن القوم حتى انتهى إلي. فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين. فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى. ثم نزع زري الأسفل. ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب. فقال: مرحبا بك. يا ابن أخي ! سل عما شئت. فسألته. وهو أعمى. وحضر وقت الصلاة. فقام في نساجة ملتحفا بها. كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها. ورداؤه إلى جنبه، على المشجب. فصلى بنا. فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال بيده. فعقد تسعا.
فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج. ثم أذن في الناس في العاشرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج. فقدم المدينة بشر كثير. كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم. ويعمل مثل عمله. فخرجنا معه. حتى أتينا ذا الحليفة. فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر. فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع ؟ قال: “اغتسلي. واستثفري بثوب وأحرمي” فصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد. ثم ركب القصواء. حتى إذا استوت به ناقته على البيداء. نظرت إلى مد بصري بين يديه. من راكب وماش. وعن يمينه مثل ذلك. وعن يساره مثل ذلك. ومن خلفه مثل ذلك. ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا. وعليه ينزل القرآن. وهو يعرف تأويله. وما عمل به من شيء عملنا به. فأهل بالتوحيد “لبيك اللهم ! لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك. والملك لا شريك لك”. وأهل الناس بهذا الذي يهلون به. فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا منه. ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته. قال جابر رضي الله عنه: لسنا ننوى إلا الحج. لسنا نعرف العمرة. حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا. ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام. فقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} [2 / البقرة / الآية 125] فجعل المقام بينه وبين البيت. فكان أبي يقول (ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم): كان يقرأ في الركعتين قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون. ثم رجع إلى الركن فاستلمه. ثم خرج من الباب إلى الصفا. فلما دنا من الصفا قرأ: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} [2 / البقرة / الآية 158] “أبدأ بما بدأ الله به” فبدأ بالصفا. فرقي عليه. حتى رأى البيت فاستقبل القبلة. فوحد الله، وكبره. وقال: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده. أنجز وعده. ونصر عبده. وهزم الأحزاب وحده” ثم دعا بين ذلك. قال مثل هذا ثلاث مرات. ثم نزل إلى المروة. حتى إذا أنصبت قدماه في بطن الوادي سعى. حتى إذا صعدتا مشى. حتى إذا أتى المروة. ففعل على المروة كما فعل على الصفا. حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال:
“لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي. وجعلتها عمرة. فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل. وليجعلها عمرة”. فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله ! ألعامنا هذا أم لأبد ؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى. وقال “دخلت العمرة في الحج” مرتين” لا بل لأبد أبد” وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم. فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل. ولبست ثيابا صبيغا. واكتحلت. فأنكر ذلك عليها. فقالت: إن أبي أمرني بهذا. قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا على فاطمة. للذي صنعت. مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه. فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها. فقال: “صدقت صدقت. ماذا قلت حين فرضت الحج ؟” قال قلت: اللهم ! إني أهل بما أهل به رسولك. قال: “فإن معي الهدي فلا تحل” قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتي به النبي صلى الله عليه وسلم مائة. قال: فحل الناس كلهم وقصروا. إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي. فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى. فأهلوا بالحج. وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس. وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة. فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام. كما كانت قريش تصنع في الجاهلية. فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة. فوجد القبة قد ضربت له بنمرة. فنزل بها. حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء. فرحلت له. فأتي بطن الوادي. فخطب الناس وقال: “إن دماؤكم وأموالم حرام عليكم. كحرمة يومكم هذا. في شهركم هذا. في بلدكم هذا . ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع. ودماء الجاهلية موضوعة. وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث. كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل. وربا الجاهلية موضوع. وأول ربا أضع ربانا. ربا عباس بن عبدالمطلب. فإنه موضوع كله. فاتقوا الله في النساء. فإنكم أخذتموهن بأمان الله. واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه. فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح. ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالممعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به. كتاب الله. وأنتم تسألون عني. فما أنتم قائلون ؟” قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس “اللهم ! اشهد اللهم ! اشهد” ثلاث مرات. ثم أذن .ثم أقام فصلى الظهر. ثم أقام فصلى العصر. ولم يصل بينهما شيئا. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى أتى الموقف. فجعل
148 – (1218) وحدثنا عمر بن حفص بن غياث. حدثنا أبي. حدثنا جعفر بن محمد. حدثنا أبي. قال:
أتيت جابر بن عبدالله فسألته عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وساق الحديث بنحو حديث حاتم بن ا سماعيل. وزاد في الحديث: وكانت العرب يدفع بهم أبو سيارة على حمار عري. فلما أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم من المزدلفة بالمشعر الحرام لم تشك قريش أنه سيقتصر عليه. ويكون منزله ثم. فأجاز ولم يعرض له حتى أتى عرفات فنزل.